ما مدى خطورة التلوث الإشعاعي على الإنسان؟
يؤكد خبراء في علوم الإشعاع أن خطورة التلوث الإشعاعي الناتج عن ضرب منشآت تخصيب اليورانيوم يكون عادةً محدوداً إذا لم تتعرض هذه المنشآت لدمار شامل. فالمواد المستخدمة في تلك المواقع، كـ"سادس فلوريد اليورانيوم"، تُعد سامة كيميائيًا أكثر من كونها مشعة فعليًا، خاصة إذا لم تدخل الجسم عبر الاستنشاق أو البلع. إلا أن احتمال حدوث تفاعل مع بخار الماء في الهواء يمكن أن يُنتج مواد ملوثة تهدد الجهاز التنفسي وتُسبب التهابات مزمنة أو أعراضاً تنفسية خطيرة.
مفاعل بوشهر... القلق الأكبر
بينما تُعتبر منشآت التخصيب تحت الأرض أقل خطورة، فإن مصدر القلق الرئيسي يكمن في مفاعل "بوشهر" للطاقة النووية. أي استهداف مباشر له قد يؤدي إلى إطلاق مواد مشعة في الغلاف الجوي أو البحر، وهو سيناريو يصفه الخبراء بأنه كارثي. ويؤكد باحثون من مؤسسات دولية أن الضرر في حال استهداف مفاعل نووي عامل سيكون مختلفاً تماماً، لأن المواد المشعة الناتجة عن تشغيل المفاعل تكون أكثر نشاطاً وخطورة على البشر والبيئة.
التهديد المباشر لإمدادات المياه في الخليج
تُعاني دول الخليج من اعتماد شبه كامل على مياه البحر المحلاة، ويُعد أي تلوث إشعاعي في مياه الخليج خطراً وجودياً على الأمن المائي. فدول مثل البحرين وقطر تعتمد بنسبة 100% على التحلية، فيما تصل النسبة في الإمارات إلى أكثر من 80%. أي اضطراب في عمل محطات التحلية الساحلية، سواء نتيجة تلوث إشعاعي أو كيميائي، قد يحرم مئات الآلاف من الوصول إلى مياه صالحة للشرب خلال ساعات فقط.
ماذا تقول السلطات الخليجية؟
حتى الآن، لم تُسجل أي زيادة في مستويات الإشعاع، وفقاً لمصادر إقليمية. إلا أن دول مجلس التعاون في حالة تأهب دائم وتفعّل خطط طوارئ تشمل مراقبة البيئة والإمدادات الغذائية والمائية. ويشدد مسؤولون صحيون في المنطقة على أهمية الاستعداد المسبق لمواجهة سيناريوهات التسرب الإشعاعي، خاصة في ظل اعتماد شبه كلي على مصادر مائية معرضة للخطر.
الخلاصة: الوقاية لا تعني القلق… ولكن الحذر واجب
رغم تطمينات الوكالات الدولية، إلا أن حجم المنشآت المستهدفة وأهميتها يجعل من الضروري مراقبة الوضع عن كثب. فالخطر لا يقتصر فقط على الإشعاع المباشر، بل يمتد إلى تأثيرات طويلة الأمد على البيئة، المياه، والصحة العامة. وفي الوقت الذي تُعد فيه احتمالات حدوث كارثة إشعاعية واسعة النطاق محدودة حتى الآن، فإن وجود بروتوكولات صحية وبيئية صارمة يظل حيوياً لحماية ملايين الأشخاص في دول الخليج.

khalid@fitarabi.com
خالد النابودة هو من مؤسسي ومطوري موقع فيت عربي، وهو متخصص في مجال الصحة العامة ويملك خبرة واسعة في تقديم محتوى صحي موثوق ومفيد. يهدف خالد من خلال موقع فيت عربي إلى توفير معلومات صحية دقيقة وشاملة تساعد في تحسين جودة الحياة ورفع الوعي الصحي لدى المستخدمين.